عندما يريد الله أن يصنع بطلًا، يُدرّبه بالشدائد، ويعلمه الحكمة بالصبر، حتى يشتد ساعده ويشرق عقله.. أما حين يريد أن يصنع أسطورة حقيقية، فإنه يبتليه بالمكائد والظلم والغدر من أقرب الناس، ويجعله يواجه قسوة الطريق حتى يخرج أكثر نقاءً وصلابة..

وهكذا كان سيدنا يوسف عليه السلام، حين اجتمع عليه إخوته وألقوه في الجبّ حسدًا وغيرة، ثم واجه السجن ظلمًا وعدوانًا، لكنه لم يفقد إيمانه بوعد الله..

وحين جاء أوان التمكين، رفعه الله من الجب إلى عرش مصر؛ ليصبح رمزًا خالدًا للصبر والحكمة والتمكين بعد الابتلاء.

واليوم.. وفي واقعنا المعاصر، تتجسد ملامح تلك القصة في مسيرة الرئيس عبد الفتاح السيسي – الأسطورة السياسية التي صُنعت بالاختبار، لا بالصدفة.

فقد تعرض لضغوطٍ ومؤامراتٍ ومحاولاتٍ متكررة لإسقاطه.. لكنه خرج من كل محنة أقوى، وكأن يد الله تحرسه كما حَرست سيدنا يوسف في رحلته الطويلة من الجب إلى القصر.

على مدار عشر سنوات، واجه الرئيس السيسي حملات تشكيك مستمرة في كل خطوة يخطوها.. لكن الزمن كان كفيلاً بأن يُظهر الحقيقة.

فحين بدأ مشروع الدلتا الجديدة وحفر نهر في الصحراء، سخر البعض وقالوا: «بيحفر نهر في الصحرا ليه؟ وهيجيب ميّه منين؟»..

لكن الأيام أثبتت أن تلك المشروعات أنقذت مصر من مصيرٍ مظلمٍ كالذي واجه السودان، وأنها كانت رؤية استباقية لتأمين الأمن المائي والزراعي للأجيال القادمة.

اليوم نرى مفيض توشكى وسرابيوم وقناطر أسيوط وأكبر نهر صناعي في العالم.. إنجازات جعلت مصر تسير عكس التيار في زمن الجفاف والأزمات.

المشهد تكرر مع ملف التسليح.. قالوا «بيشتري طيارات ليه؟ إيه لازمة الرافال والميسترال؟».. لكن حين اشتعلت المنطقة وانهارت جيوش من حولنا، أدرك الجميع أن هذا السلاح لم يكن ترفًا.. بل كان درع النجاة الذي حفظ هيبة الدولة وحدودها في وقتٍ عصيب.

ثم جاءت المشروعات القومية الكبرى، من طرق ومدن جديدة وكباري عملاقة.. فكانت هي الأخرى موضع سخرية.. قالوا «مدن أشباح» و «مشاريع للوجاهة».. لكن السنوات أثبتت أنها كانت البنية الصلبة التي منعت الاقتصاد من الانهيار رغم كل الصدمات الإقليمية والعالمية.

والنتيجة واضحة اليوم: الدولار يتراجع، والاحتياطي النقدي يرتفع، والاقتصاد المصري يثبت قدرته على الصمود.

وفي سيناء، واجه الجيش والرئيس معًا اتهاماتٍ بالتضييق وتهجير الأهالي.. لكن مع مرور الوقت، تبين أن كل إجراء أمني كان يهدف إلى حماية سيناء من التهجير، وحماية فلسطين من التصفية.

لقد كان ذلك التحصين الميداني والسياسي جزءًا من خطة الدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي معًا.

وحين رُوّجت الأكاذيب حول «صفقة القرن»، كان الرئيس السيسي هو الوحيد الذي وقف في وجه الضغوط العالمية وقالها بوضوح: «التهجير خط أحمر.. ومش هيحصل على أرض مصر».

رفض الإغراءات المادية والسياسية، وثبت في موقفه حتى شهد له العالم كله بالثبات والكرامة الوطنية.

واليوم، بعد عقدٍ كامل من الهجوم والتشكيك، تنصفه الأيام كما أنصفت سيدنا يوسف عليه السلام من قبل.

فكل قرارٍ وُصف بأنه مغامرة أو رفاهية، أثبت الزمن أنه خطة إنقاذ لوطنٍ اختار أن يعيش بعزةٍ لا بذلّ.

دفع المصريون ثمن الصمود من تعبهم وصبرهم.. لكنهم حصدوا أعظم مكسب: دولة قوية وقائد مؤمن يرى أبعد من الجميع.

وهكذا، تُصنع الأساطير لا في القصور.. بل في الجراح والصبر والاختبار.. تمامًا كما مكن الله سيدنا يوسف بعد الابتلاء، مكّن مصر برئيسها بعد الشدائد، فأصبحت تمضي ثابتة بخطواتٍ واثقة في زمنٍ تتهاوى فيه الأمم.

إنها حكاية بطلٍ صُنع على عين الله، وقائدٍ علم أن طريق العزة يبدأ من طريق الصبر.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version